الحربية
تختص » الحربية « بالبدو .. ويمكن اعتبارها موازية في الأهمية للعيالة مع اختلاف حياة البدو عن الحضر . فالرقص الشعبي هو نتاج الحياة نفسها عاداته وتقاليده وحركاته انبثقت من عادات وتقاليد وأنشطة الناس ، حتى أصبحت رموزاً لها . ومن هنا فإن الرقص الشعبي مثله مثل الشعر الشعبي ، يمثل وجدان الإنسان ويعبر عنه .
مقارنة بين الحربية والعيالة
بما أن الرقص نتاج البيئة ، فإن بيئة البدوي قد انعكست في إيقاعاته وحركاته، فتركت بصماتها بقوة عليه ، بما يناسب الحياة في الصحراء ، ويمكن أن تشير إلى نقاط الاتفاق والاختلاف بين العيالة والحربية كالتالي :
أولاً :
تعتمد العيالة على الطبول اعتماداً رئيسياً ، حتى أن الطبول تعتبر حجر الأساس في هذا اللون من الرقص وقد أشرنا إلى دواعي ذلك ، وقلنا أن للعيالة كانت بمثابة النفير العام ، الذي يجمع الناس على الحرب .
أما الحربية فإنه تخلو من الطبول وتكتفي بالإيقاعات اليدوية الملازمة للغناء وأصوات المغنين وحركاتهم ، وهذا يجعلنا نميل إلى التفسير القائل أن الحربية لا تعتبر نفير الصحراء كما العيالة رغم أنها تصاحب بحركات حماسية ذات طابع حربي ، ورغم أنها في أشعارها تتغنى بالحروب والأسلحة .
ثانياً :
مجموعة الراقصين الذين يحملون السلاح ويرقصون داخل الحلبة في العيالة تعرف باسم » اليولة « أما في الحربية فيسمونها » الزفينة « أو » الدورة « وتشترك المجموعتان في تقليد واحد وهو الرقص والاستعراض في مواجهة » النعاشات « وتسمى هذه في قطر » الرزفة « فعندما يرزف القوم في صفوف منتظمة على نغمات الطبول والدفوف بأسلوب جماعي ، نجد أن حملة السلاح يرقصون على أنغام الموسيقى رقصات جماعية ، إلا في بعض الحالات حيث يبدو من بعضهم حركات منفردة كأن يلعب أحدهم ببندقية .
ثالثاً :
حلقة الحربية في إطارها العام مشابهة لحلقة العيالة ، فالراقصون يصطفون في مجموعتين متقابلتين وفي حين يبدأ » الأبو « في العيالة بالشلة نجد أن » الأبو « في الحربية أول من » يحورب « أي يقول شعر الحربية الذي سرعان ما تلتقطه الصفوف وتبدأ بإنشاده بالسرعة ، فالإيقاع في الحركات أسرع منه في العيالة ، وكذلك تتشابه الرقصتان في استعراض الجمال والخيول خلال الرقص وإطلاق الرصاص في الهواء لاذكاء الحماس و » هبة النار « في النفوس .
ومع أن الحربية تخلو من الطبول وهي من الأدوات الرئيسية في الحروب ، التي تستخدم لاستنهاض واستثارة الناس ، إلا أن جل قصائدها التي تغنى تدور حول الحروب والقتال ، وبالتالي تشعل الحماس في النفوس فتبدو وكأنها البديل .
ويقول شاعرهم :
الحرب ناموس الرجال حي بصباحه والمسا
اللي غدا عمره يموت وما يندرا يومه متى
ويلاحظ أن شعر الحربية لا يختص بها وحدها ، وإنما يصلح للون آخر من الغناء يسمونه »الونة « وهناك نوع آخر يعرف باسم » التغرودة « .
ومهما يكن الأمر فإن » الحربية « هي حجر الأساس في الغناء والرقص البدوي ليس لأنها » جماعية « فقط ، ولكن أيضاً لأنها تحمل الكثير من وجدان البدوي وبيئته وعمله وطموحاته ورؤيته للحياة .