]سكان الإمارات العربية المتحدة
* تمهيد :-
دراسة السكان و أعدادهم و تركيبهم النوعي و العرقي و توزيعهم و كثافتهم و تركزهم تمثل الحلقة الرئيسة لعلم الجغرافيا البشرية ، فالسكان هم الدعامة الأساسية للحياة الاقتصادية و السياسية ؛ لأنهم الأداة التي يرجع لها الفضل في استغلال الموارد الطبيعية المتواجدة في البيئة التي يعيشون فيها ، كما أنهم العنصر الخلاق الذي يتمكن بمواهبه و قدراته من تسخير هذه الموارد لما فيه خيرهم و خير البشرية على وجه الأرض ، فبفضل جهودهم و نشاطهم و حركتهم تدرجت الحضارات في نختلف مواقعها في مدارج الارتقاء و التطور حتى بلغت أعلى مراحلها .
و تعتمد الدراسات السكانية على بيانات التعدادات و الإحصاءات الحيوية ، و إحصاءات الهجرة ، أو على التقديرات التي تعتمدها بعض المؤسسات او الباحثين ، و لا شك أنه كلما كانت هذه البيانات دقيقة قريبة من الواقع ، كانت نتائجها صادقة تتيح لصانعي القرار و المخططين الوقوف على مدى التغير الذي يعتري المجتمع ، خاصة في مكونات نمو السكان و في أنماط توزيعهم ، و تركيبهم الاجتماعي و الاقتصادي ، و بالتالي اتخاذ القرارات الصائبة و الخطط الملائمة .
و في هذا البحث المتواضع حول سكان دولة الإمارات العربية المتحدة ، سنتناول جانبين أساسيين ، هما :-
1- نمو سكان الإمارات
2- توزيع سكان الإمارات
العرض :-
* نمو سكان الإمارات :-
بلغ عدد سكان الإمارات في آخر تعداد للسكان حوالي 2,411,041 نسمة (1) .
و هذا النمو الكبير في السكان ما هو إلا نتيجة للتغيرات التي طرأت على الدولة منذ استقلالها عام 1971 م ، فنمو السكان ما هو إلا انعكاس عن الدخل القومي و التغيرات الاقتصادية و الاجتماعية التي اعترت المجتمع .
و الجدول الموضح أدناه يوضح معدل النمو السكاني في دولة الإمارات العربية المتحدة ما بين عامي 1948 – 1995 .
* و من أرقام الجدول السابق يمكننا أن نستقرأ الحقائق التالية :-
1- إن معدلات النمو مرتفعة في سكان دولة الإمارات العربية المتحدة بعد عام 1968 كانت على شكل قفزات متفاوتة ؛ لارتباطها المباشر باستغلال عائدات النفط في التنمية الشاملة و هجرة اليد العاملة الوافدة التي ساهمت بهذه التنمية ، إلى جانب زيادة معدلات المواليد و تراجع الوفيات ؛ لتقدم و ارتفاع مستويات الخدمات و الرعاية الصحية .
2- كما يتضح من أرقام الجدول عدم ثبات نسبة التغير ، مما يشير إلى قوة حركة السكان جذبا و طردا ؛ لارتباطها بالتغيرات الاقتصادية التي تتاثر بها دولة الإمارات العربية المتحدة خاصة ، و دول منطقة الخليج العربي عامة ؛ فكلما ارتفعت عائدات النفط مثلا زادت مخصصاتها في بناء البنية الاقتصادية و التنمية الشاملة .
(1) المصدر :- المجموعة الإحصائية ، وزارة التخطيط ، 1995 ، ص35.
(2) المرجع السابق
* توزيع سكان الإمارات:-
*تمهيد :-
دراسة توزيع السكان و كثافتهم في المكان ، من الأمور التي يوليها الجغرافيون أهمية خاصة ؛ لما قد تظهره من تباينات في توزيع حجم السكان في الوحدات الإدارية و الأقاليم الطبيعية في ضوء حركة السكان الجغرافية .
*العوامل المؤثرة في توزيع سكان دولة الإمارات العربية المتحدة :-
إن التوزيع الجغرافي لسكان دولة الإمارات العربية المتحدة ، يتأثر بعدة عوامل . و يمكننا تقسيم هذه العوامل إلى ثلاث مجموعات رئيسية :-
1. مجموعة العوامل الطبيعية:-
إن من أهم العوامل الطبيعية المؤثرة في توزيع سكان دولة الإمارات :الموقع ، و أشكال الأرض ، و الظروف المناخية .
حيث يتركز السكان في السواحل الشرقية على خليج عمان ، و في السواحل الغربية المطلة على الخليج العربي شمال مدينة أبوظبي ، و يقلون بالتجاه نحو الداخل الجبلي في منطقة سلسلة جبال عمان ، و مناطق السبخات الساحلية جنوب أبوظبي ، و في الداخل الصحرواي ، حيث يصبح توزيعهم حول الآبار و العيون و الاودية التي تجري بها السيول في فصل سقوط المطر.(1)
و في الصور أدناه يظهر خور دبي الذي يعد من أبرز مراكز التجمعات السكانية في دولة الإمارات .
(1) المصدر : جغرافية الإمارات العربية المتحدة الإقليمية الطبيعية و البشرية - أ.د.عبدالحميد عبدالقادرغنيم –دار الكتاب الجامعي- ط1-2001
(2) المصدر : جغرافية الخليج العربي - محمد متولي و محمود طه أبو العلا - مكتبة الفلاح (الكويت) – 1982
2. مجموعة العوامل الاقتصادية :-
تركز السكان في دولة الإمارات العربية المتحدة – قديما – في المناطق السهلية الخصبة ، مما ساعد على قيام مهنة الزراعة ، إضافة إلى امتهان الصيد و الغوص على اللؤلؤ في تلك المناطق . أما المناطق الصحرواية فقد انتشرت فيها حرفة الرعي .
و بعد ظهور النفط ، و حدوث التطور الاقتصادي الذي صاحب استقلال الدولة ؛ حدث انقلاب ديموغرافي تطلب تغير النشاط الاقتصادي للسكان من صيد السمك و الغوص على اللؤلؤ و الرعي ، إلى التجارة و الصناعة و الاستثمارات المالية و الإدارية و التعليمية .
و تركز سكان الدولة بشكل عام في تلك المناطق التي تتوفر فيها فرص العمل إضافة إلى الخدمات المتنوعة .
3. مجموعة العوامل الحضارية :-
إن الأحداث التاريخية و السياسية التي مرت بها دولة الإمارات العربية المتحدة منذ نشاتها في القرن الثامن عشر حتى إعلان دولة الإمارات سنة 1971 أثرت بصورة مباشرة و غير مباشرة في توزيع سكان الدولة ؛ لما شهدته هذه الفترة الطويلة من سلبيات و إيجابيات ، ففي هذه الفترة حدثت الحرب الأهلية بين القبائل العربية ، كما شهدت محاولات لتوحيد القبائل و الإمارات في صور شتى من التحالفات السياسية .
كما شهدت هذه الفترة هجرة إيرانية إلى سواحل الإمارات بين سنة 1920 إلى سنة 1930 ، إضافة إلى هجرة بعض سكان الإمارات إلى بعض الدول الخليجية المجاروة التي سبقت الإمارات في اكتشاف النفط كالسعودية ، و الكويت ، و البحرين ، و حدث أن عادت هذه الهجرات بعد قيام الاتحاد عام 1971 ، كما شهدت الإمارات العديد من الهجرات الداخلية من القرى و الواحات إلى المدن الساحلية المتطورة مثل مدينة دبي ، و الشارقة ، و أبوظبي.
و قد كان للغزو البرتغالي الوحشي أثره الكبير في توزيع سكان الإمارات ؛ حيث تحولت مدن الإمارات الساحلية إلى قرى صغيرة لهجرة سكانها إلى المناطق الجبلية أو الداخل الصحراوي ؛ هربا من بطش الغزاة ، خاصة بعد ان احرقوا مدينة خورفكان و قتلوا معظم سكانها عام 1516 م .(1)
(1) المصدر : سكان دولة الإمارات العربية المتحدة "دراسة في الجغرافية الاجتماعية "– شاكر خصباك – مكتبة بغداد – 1977
الخاتمة :-
* النتائج و المقترحات :-
من أهم النتائج التي تحصلت عليها من خلال بحثي المتواضع :-
1- ارتفاع معدلات النمو السكاني لدولة الإمارات ؛ يرجع إلى التقدم و التطور في الخدمات الصحية .
2- من أسباب الزيادة السكانية و ارتفاع معدل النمو السكاني ؛ الهجرة الوافدة .
3- يتركز السكان في المناطق الساحلية بدولة الإمارات ، بينما يقلون في الداخل الصحراوي.
4- الارتباط الوثيق بين الموقع الجغرافي ، والموارد الاقتصادية ، و توزيع السكان في منطقة ما .
5- ترك الاستعمار البرتغالي لدولة الإمارات أثرا كبيرا في التوزيع الحالي لسكان الدولة .
و بعد دراسة هذه النتائج لابد وأن نجد حلولا لمعالجة بعض المشاكل السكانية في الدولة مثل : تركز السكان في بعض المناطق و ندرتهم في مناطق أخرى .. و غيرها من المشاكل السكانية المطروحة حاليا .
و من الحلول المقترحة لحل هذه المشكلات :-
1- توفير الخدمات الصحية و التعليمية في كافة مناطق الدولة .
2- توزيع فرص العمل بشكل متساو يغطي كافة أرجاء الدولة .
3- حفر الآبار و العيون في المناطق الداخلية ، لتوفير المياه للسكان .
4- مد شبكات مواصلات داخلية تصل جميع أنحاء الدولة ببعضها البعض .
المـــصادر و المراجع
1- المجموعة الإحصائية ، وزارة التخطيط ، 1995
2- جغرافية الإمارات العربية المتحدة الإقليمية الطبيعية و البشرية - أ.د.عبدالحميد عبدالقادرغنيم –دار الكتاب الجامعي- ط1-2001
3- جغرافية الخليج العربي - محمد متولي و محمود طه أبو العلا - مكتبة الفلاح (الكويت) – 198
4- سكان دولة الإمارات العربية المتحدة "دراسة في الجغرافية الاجتماعية "– شاكر خصباك – مكتبة بغداد –[/color]